تبديل القائمة
تبديل القائمة الشخصية
غير مسجل للدخول
سيكون عنوان الآيبي الخاص بك مرئيًا للعامة إذا قمت بإجراء أي تعديلات.

الفتح العثماني لجزيرة لسبوس

من ويكي عربية

الفتح العثماني لجزيرة ليسبوس أو الغَزْوُ الإسْلَامِيُّ لِلِسبٌوس هو الاسم الذي أطلق على سقوط جزيرة ليسبوس في سبتمبر 1462 بيد الإمبراطورية العثمانية، تحت حكم السلطان محمد الثاني، بعد أن فرض حصارًا على ميتيليني عاصمة الجزيرة، والذي أدى في نهاية المطاف إلى استسلامها وسقوط الحصون الأخرى التابعة لهاأيضًا.[1]

وضع هذا الحدث حدًا للسلطانية الجينوفية شبه المستقلة التي أسستها عائلة جاتيلوزيو في شمال شرق بحر إيجة منذ منتصف القرن الرابع عشر، ودشن بداية الحرب العثمانية البندقية الأولى في العام التالي.

أسست عائلة جاتيلوزيو سلطانية ذاتية الحكم في ليسبوس، تحت الولاء البيزنطي في منتصف القرن الرابع عشر. وبحلول عام 1453، أصبحت الأراي الخاضعة لجاتيلوزيو تشمل معظم الجزر في شمال شرق بحر إيجة. وبدأ محمد الثاني في تقليص سيطرة جاتيلوزيو بعد سقوط الإمبراطورية البيزنطية في عام 1453.

وبحلول نهاية عام 1456، بقيت ليسبوس لوحدها تحت سيطرة يد جاتيلوزيو مقابل جزية سنوية يدفعها للسلطان. وفي عام 1458، استولى نيكولو جاتيلوزيو على الجزيرة وأطاح بشقيقه دومينيكو وزج به في السجن، وبدأ التحضير لصد هجوم عثماني، حيث اتخذ السلطان العثماني محمد الفاتح الثاني هذه الجريمة كذريعة لغزو جزيرة ليسبوس.

وفقًا لفرانز بابنجر، كان الدافع الحقيقي لمحمد هو لجوء نيكولو إلى القراصنة الكاتالوينيين وغزوهم للساحل الأناضولي القريب، وخطف سكانه وبيعهم كعبيد.[2]


حاول نيكولو الاستنجاد بجيرانه آنذاك، ولم تأته أية مساعدة على الرغم من كل نداءاته. وبدأ محمد الثاني حملته ضد ليسبوس في أغسطس 1462، ونزلت القوات العثمانية على الجزيرة في الأول من سبتمبر. نقل العثمانيون مدافعهم بعد أيام قليلة من الاشتباكات وبدأوا في قصف قلعة ميتيليني. احتل العثمانيون تحصينات الميناء في اليوم الثامن، وأعقب ذلك بيومين السيطرة على مدينة ميلانوديون. وسادت حالة من الخوف بين المدافعين آنذاك، وانهارت إرادتهم في مواصلة القتال والدفاع عن الجزيرة.

سلم نيكولو جاتيلوزيو القلعة وبقية الجزيرة في الخامس عشر من سبتمبر، و أرسل إلى القسطنطينية ليلقى حتفه هناك. استمرت السيطرة العثمانية على ليسبوس حتى عام 1912.

خلفية تاريخية

كانت جزيرة ليسبوس تابعة للإمبراطورية البيزنطية خلال العصور الوسطى، واحتلها الأمير السلجوقي چاقا بيه (زاخاس) في عام 1090 لفترة وجيزة.

وفي القرن الثاني عشر، أصبحت الجزيرة هدفًا لغارات سلب ونهب عديدة شنتها عليها جمهورية البندقية. وخضعت الجزيرة تحت سيطرة إمبراطورية القسطنطينية اللاتينية بعد الحملة الصليبية الرابعة (1202-1204)، واستعادتها إمبراطورية نيقية في وقت ما بعد عام 1224.

منحت الجزيرة كإقطاعية لفرانشيسكو الأول جاتيلوزيو الجنوي في عام 1354.[3] حكمت أسرة جاتيلوزيو فوكايا القديمة في البر الرئيسي الأناضولي وبلدة آينوس في تراقيا، واستولوا أيضًا على جزيرتي ثاسوس وسَمَدْرَك (ساموثريس) بحلول ثلاثينيات القرن الرابع عشر، مع أفول القوة البيزنطية.

يعتبر سقوط القسطنطينية في عام 1453 بيد السلطان العثماني محمد الثاني، نقطة التحول الأبرز في تاريخ المنطقة آنذاك.[4] واستفادت عائلة جاتيلوزي من هذا الحدث للاستيلاء على جزيرة لِمْنَى (ليمنوس)، وفرض السلطان على عائلة جاتيلوزي دفع جزية سنوية تبلغ 3000 عملة ذهبية، بالإضافة إلى 2325 عملة ذهبية إضافية عن جزيرة ليمنوس.[5]

تم تأكيد موقف التبعية في عام 1455 ، عندما قام أسطول عثماني بقيادة حمزة بك بجولة في جزر شرق بحر إيجة: أرسل دومينيكو جاتيلوزيو ، حاكم ليسبوس ، سكرتيره اليوناني ، المؤرخ دوكاس ، لمقابلة الأسطول بهدايا غنية واحتجاجات على الصداقة والتفاني.


,في عام 1455، عندما جاب أسطول عثماني بقيادة حمزة بك الأرناؤوطي جزر شرق بحر إيجة، أرسل دومينيكو جاتيلوسيو، حاكم ليسبوس، أمينه اليوناني والمؤرخ دوكاس لمقابلة أسطول حمزة بك بأثمن الهدايا واعترافات بالصداقة والولاء.[6]

كان دومينيكو قد خلف والده مؤخرا على حكم ليسبوس، عندما أرسل أمينهُ دوكاس إلى السلطان ليدفع الجزية بعد زيارة حمزة بك، قوبل دوكاس بالطلب بأن يأتي دومينيكو نفسه أمام السلطان محمد للاعتراف بخلافته لأبيه. امتثل دومينيكو، لكنه أجبر على التنازل عن ثاسوس، وقبول زيادة في الجزية المدفوعة عن ليسبوس إلى 4000 قطعة نقدية ذهبية، كما تعهد بملاحقة القراصنة الكاتالونيين الذين غزوا الشاطئ الأناضولي قبالة ليسبوس.[7][8]

على الرغم من كل ماسبق، لم يمتنع السلطان من الاستيلاء على فوكيا القديمة في ديسمبر، أو مهاجمة مناطق ابن عم دومينيكو، دورينو الثاني جاتيلوزيو، في يناير 1456، حيث سيطر بنفسه على أينوس، بينما فرض أميراله يونس باشا سيطرته على جزر إمبروس وساموثريس.[8][9] كما خضعت جزيرة ليمنوس، التي يحكمها شقيق دومينيكو الأصغر نيكولو جاتيلوزيو، عندما تمرد السكان المحليون في ربيع عام 1456 واستنجدوا بالعثمانيين.[10][11]

نجت ليسبوس نفسها من نفس المصير، ويرد ذلك جزئيا إلى ضعف القوى المسيحية آنذاك في بحر إيجة والذي لم يشكل تهديدا مباشرا، ولأن انتباه محمد كان قد تحول شمالا في حروبه مع صربيا والمجر.[12]

في خريف عام 1456، استولى فصيل بابوي بقيادة الكاردينال لودوفيكو تريفيسان على جزر ليمنوس وثاسوس وساموثريس.[13][14] وعلى الرغم من أن جاتيلوزي لم يكن له صلة بما حدث، إلا أن السلطان محمد أرسل أسطوله في صيف عام 1457 لمهاجمة ليسبوس. ومع ذلك، فشل هجوم العثمانيين على ميثيمنا الذين لقوا مقاومة شرسة.[14][15]

أطاح نيكولو جاتيلوزيو في أواخر عام 1458، الذي وجد ملجأ له في ليسبوس، بشقيقه الأكبر وأخذ على عاتقه حكم الجزيرة، ثم قام بإعدامه. وترافق ذلك أن غض الطرف عن أنشطة القرصنة الكتالانيين، الأمر الذي كان السبب المثالي الرئيس للسلطان محمد لاحتلال ليسبوس.[16][17]

بدأ السلطان استعداده لحملته القادمة، ووسيع أسطوله وبدأ يجهز في أنحاء القسطنطينية ومضيق الدردنيل، بهدف تأمين قاعدة منيعة وقوية لأسطوله.[17]

أرسل نيكولو جاتيلوزيو عدة رسل إلى البندقية والبابوية والدول الأوروبية الأخرى بحثا عن المساعدة، لكن دونما جدوى. حيث أدت الخلافات السياسية بين العائلات البندقية إلى إحجام كل من العاصمة ومستعمرة جنوة المجاورة في خيوس، والتي كانت قد التزمت بدورها سابقاً بتجهيز 300 رجل عندما تعرضت ليسبوس لهجوم عثماني، بتقديم المساعدة لعائلة جاتيلوزيو.[18][19]

في الوقت عينه، نجح العثمانيون في استعادة الجزر التي فقدها تريفيزان (1459)، وفي إخضاع إمارة موريا البيزنطية (1460)، مما أرسى سيطرتهم على اليونان القارية. ومنحت ممتلكات جاتيليزرو، آخر طغاة موريا لديمتريوس پاليولوج.[20]

ومع ذلك، اهتم نيكولو بتحصين قلعة ميتيليني، حيث خزن المؤن وحفر "الخنادق والحفر الصغيرة والتلال الأرضية"، وفقًا لما ورد في سجلات المؤرخ دوكاس.[21]

غزو ليسبوس

القوى المتعارضة

عبر السلطان محمد إلى الأناضول في أغسطس 1462. بعد مروره على أطلال طروادة - حيث، وفقاً لما ذكره كريتوبولوس، شعر بأنه المنتقم للطرواديين القدماء ضد اليونانيين - وتوجه إلى آسوس (بهرام حاليا) على الساحل المقابل لجزيرة ليسبوس. ووفقاً لشهادة فرسان الإسبتارية في تلك الحقبة، التي كُتبت بضعة أسابيع في وقت لاحق، بلغ عدد جيشه قرابة 40,000 قرابة رجل. يرافقها أسطول قوي بقيادة محمود باشا.[18][22]

المراجع

  1. لطفي؛ السيد، سيد محمد (26 يناير 2019). تواريخ آل عثمان. Dar elbasheer. ISBN:9789772786220. مؤرشف من الأصل في 2020-04-03.
  2. Babinger, Mehmed the Conqueror and his Time (Princeton: University Press, 1978), p. 209
  3. Gregory 1991، صفحة 1219.
  4. Wright 2014، صفحات 67–68.
  5. Wright 2014، صفحة 68.
  6. Babinger 1978، صفحة 130.
  7. Babinger 1978، صفحات 132–133.
  8. 8٫0 8٫1 Wright 2014، صفحة 69.
  9. Babinger 1978، صفحات 135–136.
  10. Wright 2014، صفحات 69–70.
  11. Babinger 1978، صفحة 136.
  12. Babinger 1978، صفحات 136–137.
  13. Babinger 1978، صفحات 145–146, 150.
  14. 14٫0 14٫1 Wright 2014، صفحة 71.
  15. Babinger 1978، صفحات 149–150.
  16. Miller 1921، صفحات 342, 346.
  17. 17٫0 17٫1 Babinger 1978، صفحة 209.
  18. 18٫0 18٫1 Miller 1921، صفحة 345.
  19. Wright 2014، صفحات 72–73, 74.
  20. Wright 2014، صفحة 73.
  21. Magoulias 1975، صفحة 261.
  22. Babinger 1978، صفحات 209–210.

المصادر