تبديل القائمة
تبديل القائمة الشخصية
غير مسجل للدخول
سيكون عنوان الآيبي الخاص بك مرئيًا للعامة إذا قمت بإجراء أي تعديلات.

الترجمة الثقافية

الترجمة الثقافية هي ممارسة الترجمة مع احترام وإظهار الاختلافات الثقافية. وتحل المشكلات المرتبطة بالثقافة.
مراجعة 20:36، 3 ديسمبر 2023 بواسطة عبد العزيز (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
الترجمة الثقافية
الترجمة الثقافية

الترجمة الثقافية هي ممارسة الترجمة مع احترام وإظهار الاختلافات الثقافية. يحل هذا النوع من الترجمة بعض المشكلات المرتبطة بالثقافة، مثل اللهجات والطعام والعمارة.

يجب أن تكون الترجمة الثقافية قادرة على التعامل مع القضايا الرئيسية، والتي تتمثل في تقديم نص مترجم يبرز الاختلافات الثقافية بين اللغتين، مع الحفاظ على احترام الثقافة المصدر.

ترجمة الثقافات

يُدرس مفهوم الترجمة الثقافية من خلال مجال علم الإنسان الثقافي، الذي يركز على تحليل القضايا الثقافية بين البشر. يتساءل هذا المجال عن فهم الترجمة في سياق التباينات الثقافية. لا تقتصر الدراسات الترجمية على اللغة في واقع الأمر، بل تمتد لتشمل السياقات الثقافية بين البشر.

يحتاج مترجم علم ثقافة الإنسان إلى التعامل مع تحديات تتمثل في نقل المفاهيم الثقافية من لغة إلى أخرى. كما يجب على المترجم احترام كل من الثقافة المصدر والثقافة المستهدفة.

أعرب فريدريك فلهيلم فون همبولت عن هذا الرأي حول الترجمة في رسالة وجهها إلى أوجوست فلهلم شليجل في 23 يوليو 1796:

«يبدو لي أن كل محاولة للترجمة هي في الواقع مسعى لإنجاز مهمة تظل غير ممكنة. كل مترجم محكوم عليه بالفشل نتيجة استحالة تحقيق التوازن بين الثقافتين، المترجم محكوم عليه بالفشل بسبب إحدى الكبوات التالية: إما أن يبقى قريبًا جدًا من النص الأصلي، على حساب الذوق واللغة القومية، أو أنه سيظل ملتزمًا جدًا بخصائص أمته، على حساب النص الأصلي. وتحقيق الوسطية بين الاثنين معا ليس صعبًا فحسب، بل مستحيل تمامًا.» – فريدريك فلهيلم فون همبولت

التشكيك في الترجمة الثقافية

عارض بعض علماء علم الإنسان الترجمة الثقافية، ورأو أن الثقافة تسعى إلى رابطة معينة يُعثر عليها في أفكار وسلوكيات الناس. وفي هذه الحالة، يجب على المترجم الثقافي أن على دراية أشمل وأوسع بالأصل مقارنة بتلك التي يقدمها النص الأصلي.

علاوة على ذلك، لا يمكن أن تتساوى الترجمات الثقافية كما ينبغي، حيث تظل بعض الثقافات والمجتمعات مهيمنة مقارنة بالثقافات الأخرى، وبالتالي سيحضر منطق القوة ويهيمن ليكون قيدًا يحد الترجمة الثقافية.

قد تهيمن اللغة المستهدفة على الثقافة المصدرية من أجل جعل النص مفهومًا ثقافيًا للقراء. ومن الصعب جدًا فهم معنى الثقافة، وبالتالي فإن الترجمة الثقافية محدودة بالتأكيد، خاصةً وأن هناك حدودًا يجب التمييز بينها بين الثقافات.

وضح إدوارد سابير، وهو عالم لسانيات وعلوم إنسان أمريكي هذا الحد المقيد للترجمة الثقافية في نظريته:

«العوالم التي تعيش فيها مجتمعات مختلفة هي عوالم متميزة، وليست مجرد نفس العالم مع ملصقات مختلفة مرتبطة بها. لكل مجتمع لغوي تصوره الخاص للعالم، والذي يختلف عن تصور المجتمعات اللغوية الأخرى، مما يعني وجود عوالم مختلفة محددة باللغة» – إدوارد سابير

يُشدد بعض اللغويين على أن صعوبة الترجمة لا تنبع فقط من القيود اللغوية، بل أيضًا من الحواجز الثقافية التي تواجه عملية الترجمة. وإن الاختلاف في وجهات النظر الثقافية   وفقًا لبعض اللغويين مثل تشارلز ليزلي رين   بين الشعوب يحد من إمكانية الترجمة الثقافية إلى حدٍ معين.

كما يرفض بعض الباحثين مثل أندريه مارتينيه، فكرة إمكانية الترجمة الشاملة، معتقدين أن التجربة الإنسانية لا يمكن نقلها كما هي تمامًا لأنها فريدة من نوعها. وأيد جون كونيسون كاتفورد هذه النظرية في كتابه "النظرية اللغوية للترجمة" (بالإنجليزية: A Linguistic Theory of Translation)‏ بقوله:

«إن عدم قابلية الترجمة الثقافية يكون واضحًا عندما تكون سمات السياق ذات الصلة بنص اللغة المصدر غائبة تمامًا في ثقافة اللغة المستهدفة. ومن الأمثلة على ذلك أسماء بعض المؤسسات والملابس والأطعمة والمفاهيم المجردة وغيرها.[1]» – جون كونيسون كاتفورد

اقترح أنطون بوبوفيتش وجود فرق بين عدم القدرة على الترجمة اللغوية وعدم القدرة على الترجمة الثقافية، الفكرة الذي دافع عنها في كتابه "قاموس تحليل الترجمة الأدبية" (بالإنجليزية: A Dictionary for the Analysis of Literary Translation)‏.

شرح بوبوفيتش في كتابه صعوبة استبدال العناصر اللغوية في النص الأصلي كفاية من حيث التركيب والسياق والغرض، مما يؤدي إلى نقص في المعنى أو الإيحاء.

سادت بعض الثقافات في ساحة التاريخ العالمي، وعلى سبيل المثال العقائد الفكرية للعديد من الدول الاستعمارية التي صورت لثقافاتها على أنها نقية وأساس عمل العالم. كما يُلاحظ من ترجمة هذه الثقافات عدم المساواة بين الثقافات والشعوب.

عملية مزدوجة

ترتبط الترجمة ارتباطا وثيقا بالتبادلات التجارية والهجرة والتنقلات، وهي مصطلحات تشكل جوهر العولمة. وتعتبر الترجمة عملية مزدوجة تشمل شقين هما العابر للحدود والترجموي (تبادل الترجمات). حيث تلغي هذه العملية المزدوجة الفصل القائم بين اللغة المصدر واللغة الهدف وتمكن من التفاوض حول التباينات الثقافية.[2][3]

تعتبر هذه "المفاوضات العالمية للاختلاف" ذات أهمية خاصة في السياقات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية، ويمكن تفسيرها على أنها "عمليات تفاوضية للتعامل مع الاختلافات الثقافية أثناء عمليات إزالة وإعادة صياغة السياق. يجب أن يكون الهدف الرئيسي للمترجم العثور على "التكافؤ في المفاهيم" بين النص المصدر والنص الهدف لضمان ترجمة فعالة تسمح بفهم المعنى المقصود.[4]

الثقافة والحضارة

تشير الترجمة الثقافية بالطّبع إلى مفهوم الثّقافة، والذي يحتاج إلى تأطيره لفهم مصطلح الترجمة الثقافية جيّدا. للثّقافة معنيان مختلفان: يعرّف الأول الثّقافة على أنّها مجتمع متحضّر في بلد متقدّم، بينما يعتبر الثّاني الثّقافة على أنّها مجموعة كاملة من السّلوكيات وأنماط الحياة التي يتشاركها شعب ما.

تلعب الثّقافة دورًا ومعنىً مهمًا في حركة التّرجمة. حيث أن الثّقافة هي نموذج مشترك للعالم، نموذج هرميّ للمعتقدات والقيم والاستراتيجيات التي يمكن أن توجّه عمل وتفاعل الناس، كما يمكن اكتساب الثّقافة بطرق مختلفة ومنها التّعليم.

يُعَرَّف مصطلح الحضارة بأنه مجتمع بشري متطور تمكن من خلق ثقافته الخاصة من خلال الناس. ومن خلال هذا المفهوم، يمكن للمترجم ترجمة نص ما من خلال حل مسألة تطور الثقافة. وفي هذه الحالة نجد بيتر نيومارك مقتنعا تمامًا بأن الترجمة ذات قيمة ثقافية، أي أن الترجمة تعمل على تحسين تطور الثقافات في جميع أنحاء العالم، لأن الحضارة أدت إلى إنشاء طرق واضحة للاتصال، مثل الأبجديات والقواميس وتطور اللغات وآدابها، ما أثار أسئلة جديدة حوال الترجمة الثقافية.

للثقافة تأثير كبير على العقيدة الفكرية في المجتمع والسياسة في أي بلد. وترتبط الثقافة أيضًا بإرادة القوة وبالطريقة التي يتظاهر بها الناس بهذه القوة بحسب بعض الباحثين في مجال الترجمة مثل إيتامار إيفين زوهار وسوزان إدنا باسنيت. وتتعامل الترجمة بهذا المعنى لجعل مفاهيم العقيدة الفكرية واضحة ومفهومة للقراء.

ترتبط ترجمة الثقافات بالأخلاق وتقدم طريقة جديدة للتفكير، ويجب أن يُظهر هذا النوع من الترجمة السياق وطريقة التفكير الشخصية من خلال النصوص المترجمة.

المراجع


  1. Catford، John Cunnison (1965). Linguistic Theory of Translation. Oxford University Press. ASIN:B000Y4JLOI.
  2. Bhabha، Homi K. (2004). The Location of Culture. Routledge.
  3. Rössner، Italiano (2012). Translatio. Narration, Media and the Staging of Differences.
  4. Birbili، Maria (Winter 2000). "Translating from one language to another". Social Research Update. Department of Sociology, University of Surrey. اطلع عليه بتاريخ 2021-12-09.